هنالك تفسيران لهذه الهرولة المخزية* إلى الاستنكار والشجب والتنديد، وكلاهما صحيح:

الأول، أن هذا موقف سياسي (سيبك من الحكي الهوائي عن "أخلاقي" و"إنساني"!!) نابع من قناعات سياسية حقيقية وراسخة، قد يكون البعض لم ينتبه إليها ولم يتعرف عليها بمعالمها الواضحة، فتفاجأ الآن! هذه القناعة السياسية في جوهرها (وغاياتها!) تساوي بين السارق والمسروق، بين القامع والمقموع، بين الراكب والمركوب، بين الضحية والجلاد، بين القاتل والمقتول، تضعهما على نفس المستوى من "الحقوق" و"الواجبات" وتحملهما نفس المسؤوليات!

الثاني، أن هذا موقف انتهازي رخيص نابع من الشبق غير المحدود إلى كاميرا وميكروفون في قناة تلفزيونية أو إذاعية عبرية، أو أية منصة عبرية أخرى، في إطار السعي المحموم إلى الإذدناب بما لا يزال يتوهمه ويسميه "يساراً إسرائيلياً"، رغم رفس هذا الأخير الدائم والمتكرر له! وفي هذا المسعى، يصبح هذا الشبق نهج تذلل وانبطاح استرضائيّ، غير واعٍ حتى، يراد به ومنه تخفيف حدة اللقاء، بل رفع درجة "صحبويّته" ربما، مع "المحققين" من أشباه رينا متسلياح وداني كُشمارو وعوديد بن عامي وأودي سيغال وووو.... كأنما هي فاتورة تُدفع سلفاً ثمناً لمثل هذه اللقاءات "الصحفية"!!

والمعروف أن ثمة تجارب علمية كثيرة جداً أثبتت أن بعض الكائنات تؤقلم نفسها فتذوّت الشرط والاشتراط (ومش بَس البافلوفي!) بصورة أوتوماتيكية ليتحول عندها إلى تصرف "طبيعي" أوتوماتيكي لا يعود بحاجة إلى أي لفت نظر أو تنبيه!

* مخزية لأنها تصوّر صاحب الاستنكار وكأنه يتحدث باسم قطيع من الأنذال الجبناء الذين لا يبتغون في الحياة سوى طمأنة "السيد" وإرضائه، بينما هو لا يتحدث في الحقيقة سوى باسم جزء من جزء من جزء من الناس، بالكاد، لكنه يكذب ويدّعي فيقول "نحن"، الجماعية الأوسع!!