رأي

أمير مخول

معالم مخطط الغرب ودلالات قطع المساعدات للفلسطينيين

قد يتعدى عدد النازحين في قطاع غزة المليون في الأيام القريبة. هذا سيخلق قضية نازحين جديدة لمن تم طردهم وتهجيرهم في العام 1948. وبالمقابل، تبدو معالم الهدف الغربي أكثر وضوحا وأكثر تكاملاً، وتتيح المجال لخطط اسرائيلية لم تكن واردة من قبل
"حكومة نتنياهو تحدث عن الانتقام وعن اعتماد الدمار الشامل" | توضيحية

اعلان المستشار الألماني اولاف شولتس، بقطع المساعدات التنموية للفلسطينيين "حتى إشعار آخر"، هو جزء من قرار الاتحاد الأوروبي بهذا الصدد والذي تم الاعلان عنه في العاشر من تشرين الجاري ثم تراجع عنه في اليوم التالي. تابع شولتز: "سيتم تحديد الأمر على أساس فحص ما إذا كانت هذه المشاريع تخدم السلام الإقليمي وأمن إسرائيل بأفضل طريقة ممكنة... وإلى أن يتم الانتهاء من هذه المراجعة، لن نوفر لهم أي موارد جديدة للتعاون في شؤون التنمية"، مع العلم ان المساعدات الألمانية تتم من خلال منظمات التنمية الألمانية وليس من خلال السلطة الفلسطينية. 

يعلم الاتحاد الأوروبي بكل دوله وكذا الادارة الأمريكية بأن السلطة الفلسطينية "لا ناقة لها ولا جَمل" في عملية طوفان الاقصى وفي مجرياتها، بل قد يضعفها ذلك، وقد اعتبرت ان الشعب الفلسطيني هو ضحية الاحتلال والحصار وله الحق في الدفاع عن نفسه.

نتنياهو خلال لقائه المستشار الألماني في نيويورك | تصوير: آفي أوحيون - مكتب الاعلام الحكومي

يبدو ان معالم مخطط الغرب بقيادة الولايات المتحدة بدأت ترتسم. فإن كان حضور القوات الامريكية وحاملة الطائرات الأحدث واسطولها، اكثر منه التزامًا لاسرائيل، بل ايضا استشعارا لضعفها الذي اكتشف العالم بأنه جيش قادر على زرع الدمار الشامل لا الانتصار الحاسم. كما جاء الغرب وفي جعبته استسلام للموقف الاسرائيلي القائل باللاحل السياسي، او كما يردد الاعلام الغربي ان الوقت الحالي ليس للحديث عن حلول كما أكد الناطق باسم البنتاغون جون كوربي، بل الى شيطنة كل ما هو فلسطيني ودونما اية اعتبارات اخرى، مستخدمين جوقة خطاب الداعشية والنازية.

جاءالموقف الغربي مبلورًا وموحدًا بخلاف الموقف الاسرائيلي المتعثر والذي قد يتغير وضعه بعد تشكيل حكومة الحرب مع حزب المعسكر الرسمي بقيادة غانتس وشخوصه العسكرية. ويتضح من فتح المجال بارتكاب كل الانتهاكات للقانون الدولي وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وحتى اعمال ابادة وتطهير عرقي وفرض نزوح سكاني قد يطال غالبية سكان قطاع غزة. صحيح ان موقف حكومة نتنياهو تحدث عن الانتقام وعن اعتماد الدمار الشامل وليس الدقة في القصف الجوي ودونما اية روادع.

تبدو معالم الهدف الغربي حاليًا أكثر وضوحا وأكثر تكاملاً، وتتيح المجال لخطط اسرائيلية لم تكن واردة من قبل، وكما عبر عنها قائد الاركان هرتسي هليفي في اول ظهور له للاعلام منذ السابع من الجاري وطوفان الاقصى "نعمل كي لا تبدو غزة كما كانت... ولتفكيك من يقودها وقتلهم..ومن يبقى هناك سيدرك جيدا بأن مثل هذا العمل (طوفان الاقصى) لا يجوز القيام به تجاه اسرائيل"، وليعلن ان احد اهداف الجيش هي تصفية قيادات حماس والفصائل في غزة وخارجها.

تدمير مناطق كاملة في القطاع

خلق قضية نازحين جديدة لمن تم طردهم وتهجيرهم في العام 1948، وقد يتعدى فيها عدد النازحين المليون في الأيام القريبة اذا استمرت الوتيرة الحالية، وقد يطال معظم سكان غزة كي يكون وضع لا بيت يعودون إليه ولا مكان يأوون فيه من الصواريخ الحارقة، وإن وجدوا مكانا قد يتم استهدافه ليتحولوا الى اشلاء فيه.

في الربط بين العسكري والسياسي الاستراتيجي:

بخلاف الموقفين الصيني والروسي لم تتحدث الادارة الامريكية والمانيا او الاتحاد الاوروبي عن حل سياسي، او عن ضرورة المسار السياسي مع الفلسطينيين، 

يبدو ان الموقف المصري الرافض رفضا باتا لاي استخدام لاراضي سيناء المصرية لتنفيذ مخططات نزوح قسري للفلسطينيين وتأكيده على المطلب بإدخال مساعدات انسانية، قد أعاق مخططات الغرب واسرائيل نحو نقلهم بالبواخر الى دول اخرى. وهو اثبات لاهمية الموقف العربي لو كان موحدا وحازما.

المساعدات المالية للفلسطينيين لا تذهب الى حماس وهو ما اكدته الخارجية الالمانية بذاتها، لكن يبدو ان الاتحاد الاوروبي بدوله الاكبر، وادارة بايدن قد قرروا السعي الى "اعادة هندسة" كل القيادة الفلسطينية وهذا ما تسعى له اسرائيل منذ سنوات، فوفقًا لهم لن يقبلوا ببقاء حماس حاكمة في غزة كما ويتنازلون عن السلطة الفلسطينية برؤية مستقبلية، ولو كانت الامور بأيديهم لفرضوا قيادات بديلة كما فعل الجيش الامريكي في العراق وافغانستان في حينه الى ان انقلبت عليه الامور. هذا من الصعوبة الفائقة اذ ان الشعب الفلسطيني لا يمكن ان يقبل بذلك كما ان الأمر سيؤدي الى اختلال جوهري في التوازنات الاقليمية وبشبكة المصالح والامتدادات العربية. فلا يبدو ان التحالف المذكور في حال نجح مشروعه لن يقوم بتسليم ادارة غزة الى السلطة الفلسطينية بل الى طرف فلسطيني ثالث يحظى برضى الاطراف المذكورة.

استجد هدف اخر لادارة بايدن وهو انقاذ مشاريعه الاقليمية بما فيها خط التجارة الدولي الموازي لمشروع الصين العالمي "الطريق والحزام" والذي تسعى ادارته لوضع الاسس التنفيذية له ليوصل بين الهند والمنطقة العربية واوروبا ويكون لاسرائيل وموانئها دورا محوريا فيه، وهذا يتطلب انقاذ مشروع التطبيع السعودي الاسرائيلي الذي بات يبدو بعيد المنال اكثر مما كان قبل السابع من تشرين. الا ان كثرة اللاعبين فلسطينيا واقليميا ودوليا تُبقي الكثير من الخيارات مفتوحة.

bar_chart_4_bars مقالات متعلقة

الضفة: لا إجلاء مؤقت ولا نزوح مؤقت

2024/08/30 09:44

عن خطأ إسقاط التجربة الجزائرية على التجربة...

2024/08/10 19:15

زيارة نتنياهو لواشنطن... وعلاقة الولايات...

2024/07/23 15:01

نتنياهو يلجأ الى الضبابية - ماذا يريد من...

2024/07/19 17:20

صفقة التبادل في مهب السياسة الداخلية في...

2024/07/19 16:34