أخبارنا

حروبنا الأهلية || بقلم: جعفر فرح

 

● ما يحصل خلال السنوات الأخيرة تخطى مرحلة الخلافات الطبيعية وتحول الى عنف وصدام. العنف بات يسيطر على مختلف مناحي الحياة. وهذه بعض الملاحظات على "حروبنا الأهلية"!


شرعي وانساني ان نختلف وان نتناقش وان نحاسب بعض. ولكن ما يحصل خلال السنوات الأخيرة قد تخطى مرحلة الخلافات الطبيعية وتحول الى عنف وصدام يهدم إمكانيات العيش او العمل المشترك. فحين تحولت خلافات المغار الى عنف تركت القرية عشرات العائلات تاركة وراءها تاريخ وذكريات وانتقلت الى حيفا والناصرة وعيلبون وألمها يرافقها. ونرى يوميا عشرات العائلات التي تركت الناصرة الى "نوف هجليل" لانها تبحث عن مستقبل أفضل لأولادها وبناتها على الرغم من علاقتها البنيوية وحتى اليومية مع الناصرة. وها هي الصراعات العنيفة تنتقل الى حيفا وتلاحق من ترك بلداته بعد ان ضاق العيش فيها، وتحولت الشبكات الاجتماعية الى منصات للتشهير والتهديد ليلحقها العنف بالشوارع.

● السلطات المحلية تمتص غضب الناس من سياسة السلطة

للخلافات والعنف جذور سياسية اقتصادية اجتماعية أعمق من الصراع على رئاسة المجلس المحلي او موارد البلد. هناك سياسة اقتصادية اجتماعية تهدف الى إشعال الصراعات الداخلية ليمنع الصراع الحقيقي مع السلطة المركزية التي تمارس علينا سياسة تمييز اقتصادية اجتماعية وسياسية. فتحولت السلطات المحلية الى مورد مالي نتصارع على الفتات الذي تجمعه وتوزعه بدل ان نبني المناطق الصناعية والمؤسسات التجارية والتشغيلية ونجد أماكن عمل للمجموعات الشبابية التي تحولت الى جنود بخدمة عصابات الاجرام. ويغذي هؤلاء الشباب أصحاب وصاحبات مصالح يتصارعون على اجرة رئيس المجلس او معلم مدرسة بدل التنافس على منصب مدير عام بشركة او مكتب حكومي.


● السوق السوداء تستبدل منظومة التمويل الرسمية

وافقت السلطة المركزية على تغييب منظومة تمويل بنكية للناس التي تحتاج الى القروض والتمويل لحاجاتها الخاصة او لتطوير مصالحها الاقتصادية. وسيطرت السوق السوداء التي تعمل على تبييض أموال تجارة السلاح والمخدرات على سوق التمويل لعشرات ألاف العائلات العربية.

تمنع قوانين منع تبييض الأموال شركات تجني أرباحها بالنقدي وحتى عصابات الاجرام التي تملك مئات الملايين من بيع المخدرات والسلاح وجباية الشيكات، من ادخال أموالها الى المصارف. أصبحت هذه الأموال مصدر لتمويل عائلات عادية وشركات صغيرة. وأقيمت مصارف نقدية وجهاز متكامل لجباية الأموال وإعادة استثمارها وتوزيعها كقروض.

● الصراعات العائلية والطائفية

الى جانب الصراعات السياسية نرى ان هناك من يغذي ويجند الصراعات العائلية والطائفية لمصالحه الضيقة ومنها الانتخاب لرئاسة المجالس او حتى إدارة مدارس. فنرى تجند واضح للمتعلمين واستخدامهم لجنود من أبناء عائلاتهم وعائلات تنضم اليهم لتنفيذ الصراعات العنيفة لتحصيل منصب ومنافع.

● تسرب الطلاب

يتم تجنيد الشباب المتسرب من المدارس النظرية لصالح الصراعات العنيفة ويتم ارسالهم لتنفيذ اعتداءات جسدية باسم العائلات والمتعلمين والمستفيدين. علينا التأكيد على أهمية استيعاب كل الطلاب بجهاز تربية ملائم ومنع اخراج شباب من المؤسسات التربوية لما يخلق هذا الإقصاء من احباط وغضب عند هؤلاء الشباب. علينا مطالبة كل المؤسسات المحلية والتربوية إيجاد حلول تدريب مهني وتعليم لكل طالب وضمان مرافقته ليبني مسيرته المهنية ومنع تسربه لعالم المخدرات وعصابات الاجرام.

● إعادة تأهيل السجناء

اكثر من 40% من المحكومين بالسجن، على خلفيات جنائية، هم من الشباب العرب وسترتفع هذه النسبة بحال قامت الشرطة بمسؤولياتها وفرضت سلطة القانون. أهملنا عملية إعادة تأهيل السجناء وضمان عملية إستيعابهم بسوق العمل وضمان إبعادهم عن عالم الاجرام والمخدرات والعنف. نحتاج وبسرعة لمؤسسات تعيد تأهيل السجناء وتمنحهم قدرات مهنية وفرص تشغيلية تبعدهم عن عالم الاجرام.

● أزمة أخلاق

نعم علينا ان نعترف اننا نعاني من أزمة أخلاقية نتيجة تعرضنا لعوامل سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية مختلفة. فلا نملك مؤسسات لإرشاد الأهل في العملية التربوية ولا مؤسسات لتنمية وتعميق الانتماء والتطوع وبناء الهوية الثقافية والأخلاقية. فالانتاج الثقافي على انواعه لا يصل لغالبية شرائح شعبنا ومجتمعنا. علينا تنظيم عملية التربية الأخلاقية من خلال الاستعانة بجهاز التربية والاعلام والمؤسسات الدينية والأهلية.

● سلطة القانون

تغيب سلطة القانون من مرحلة التشريع الى مرحلة فرض القانون. فنحن شركاء شكليين بعملية التشريع ومناقشة فلسفة القانون قبل تشريعه. وهناك عشرات القوانين التي تميز ضدنا وتستهدفنا وأهمها قانون التخطيط والبناء ومصادرة أملاك اللاجئين التي حولت بلداتنا الى فنادق نختلف فيها على ملكيتنا للأرض وننام فيها عند عودة العمال بنهاية الأسبوع.

ونعرف ان سلطات تنفيذ القانون منها الشرطة وباقي المؤسسات تعادينا او تتجاهلنا فنتعامل معها بغربة او لا نتعامل معها. فحتى لو اخترنا طريق الاحتكام الى القانون نرى ردود فعل مستهترة او معارضة لاستخدام سلطة القانون. ومن الواضح ان السلطة المركزية، بما في ذلك المخابرات، معنية بالصدامات المجتمعية ولا تتدخل لمنعها ولا تجري تحقيق حقيقي لفرض سلطة القانون باعقاب حدوث الاعتداء. ونرى المخابرات تتدخل لتأجيج الصراعات وتحريض المختلفين بدل التحقيق الجدي بالمخالفات وتنفيذ سلطة القانون.

● منظومة لحل الخلافات

علينا توفير منظومة مجتمعية تعتمد على الأحزاب السياسية والسلطات المحلية والمؤسسات الاهلية والدينية للتدخل بحل الخلافات قبل تحولها لعنف. يمكننا بحال التدخل قبل حدوث الاعتداءات العنيفة منع اكثر من نصف من حالات العنف التي تندلع بدون تخطيط مسبق يخدم اهداف احد الأطراف. ففي غالبية الحالات يمكن منع الانجرار الى العنف بحال تم التدخل الأهلي وتحمل المسؤولية المحلية على مستوى الحي، والبلد والمنطقة والوطن. وعلى باقي المؤسسات المحلية والتربوية والثقافية والاقتصادية والصحية القيام بواجبها بصدق وأمانة واضعين مصلحة الناس فوق مصلحتهم الشخصية.

• الكاتب مدير مركز مساواة وعمل في السابق بمجال الصحافة والاعلام.

bar_chart_4_bars مقالات متعلقة

"العليا" وأزمة التجنيد - هل سيضطر نتنياهو...

2024/03/28 18:40

3 إصابات، إحداها خطيرة، في عملية شارع 90...

2024/03/28 08:43

فيديو | دب هائج يهاجم بلدة و"يحبس" سكانها 10...

2024/03/28 13:16

حرب شاملة على لبنان؟ هذه الإستعدادات، وهذا...

2024/03/27 21:24

سُمح بالنشر: مقتل جندي في معارك جنوب غزة

2024/03/27 18:54