في ظل شخصنة العمل السياسي العربي، ونمو النرجسية الأنانية لدى جزء من قياداتنا، والتي اختارت اختزال قضايانا بقضية مقعد وتمويل حزبي، علينا التفكير خارج الصندوق.

لا اريد ان أخوض في تاريخ الاحزاب، ولا اريد ان أشكك بدورها التاريخي، فنعم لكل مرحلة هنالك قادة، اجتهدوا ما اجتهدوا وعملوا ما اقتدروا. ولهم إنجازات حتى ولو لم ترتق للسقف الذي نبتغيه.

ولكن بات واضحاً ان أدوات الامس لا تنفع للمستقبل، ولا للّعبة السياسية الحديثة في ظل المتغيرات الأخيرة في اسرائيل، ومنها رفع نسبة الحسم، وقانون القومية، وتقطب الكتل بين يمين ويسار. هذه المتغيرات الثلاثة، إضافة الى الكثير الكثير، تفرض علينا ايجاد استراتيجية تعيدنا الى محور العمل السياسي الشرعي في اسرائيل، وعدم الاستمرار في التراجع والتقوقع، وانحسار التأثير، الذي بادر اليه اليمين، وسقطت قياداتنا في شباكه.

نحن نرسل مندوبينا الى الكنيست لكي يلعبوا اللعبة السياسية الكاملة، وليس لعبة منقوصة، فيها دورهم، تناقص الى دور لاعبي احتياط او جمهور غاضب. عليهم واجب التَموضُع الصحيح ليكونوا في قلب القرار، مع الوعي التام، ان مساحة مناورتنا الحقيقية هي في داخل كتلة "المركز-يسار" الأقرب لنا سياسياً، بالرغم من اختلافنا معهم في عدد من القضايا الجوهرية.

اذا تمكّنا من بناء شراكات، على أسس ومبادىء المساواة والديمقراطية، والهوية المدنية المشتركة، سنخلق لأنفسنا حيزاً كبيراً للتأثير السياسي ليرفع من شرعية مواطنتنا، ونزيد من تحصيلنا الاقتصادي والاجتماعي، ونحسن من مستوى حياتنا وحيّزنا العام وبلداتنا وقدراتنا. عندها ايضا سنستطيع التأثير على السياسة الدستورية للدولة لتعترف بنا كأقلية قومية، وكأصحاب حقوق جماعية يحميها القانون والدستور.

وعندها فقط نستطيع ان نأخذ دورنا الفعال لخدمة قضية شعبنا، لتحريره من الاحتلال، وبناء دولته، وعلو شأنه.

يجب ان تستند استراتيجيتنا الى العقل والمُمكن، وعدم الاستمرار بطرح شعارات تداعب المشاعر وتعطي وعود لأوهام غير واقعية. السياسة هي فن الممكن، ولفعل ذلك يجب ان تكون لاعب شرعي. ومن هنا تأتي فكرة الشراكة اليهودية العربية لتكون رافعة لزيادة تأثيرنا كمتساوون، وليس اقل من ذلك.